انتصر بلا قتال
الحياة سهلة لمَن سهلها ويسّرها على نفسه، والتعامل مع الآخرين فنّ ليس من العسير إتقانه، والنتيجة هي كسب ونجاح في الدنيا وفلاح في الآخرة.. إليك تلك الأسلحة التي ستجلب لك ولغيرك النصر:
* أولاً- سلاح العفو والتسامح:
ما أروعه من وسيلة وما أمضاه من سلاح؛ فبه تصفو القلوب وتهاجر الشحناء؛ يقول الله تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}، ويقول: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، ولنا في حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - قدوة حسنة؛ فبعد أن اشتدّ عليه الأذى من كفار قريش وأخرجوه من أحبّ أرض الله إليه، فما كان جزاؤهم إلا الصفح والعفو عندما وقعوا في الأسر، فقال لهم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
* ثانياً - سلاح التماس العذر:
قيل في الأثر: (التمس لأخيك عذراً إلى سبعين عذراً)؛ فما أروع أن تقدم الأعذار وتلتمس الحجج للآخرين حال الخطأ، ولا تحكم عليهم بالظاهر؛ فقد يخفي الباطن عذراً قوياً، وللنمل مع سليمان درس في هذا {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}؛ حيث التمست لهم العذر أولاً في قولها: وهم لا يشعرون.
* ثالثاً - سلاح التغافل والتغابي:
إن الشخص الذي يقف عند الدقيق والجليل ويتتبع الزلات ويعدّ الأنفاس ويحاسب الآخرين على كل تصرفاتهم شخص يتعب ويُتعب ويخسر الآخرين؛ فالتغافل من شأن الكرام، وتذكر قول الشاعر:
ليس الذكي بسيد لقومه
إن الذكيّ هو المتغابي
*رابعاً: سلاح الانسحاب:
الانسحاب في بعض المواقف يكون دليل قوتك وحكمتك، يقول يزيد بن حبيب: إنما كان غضبي في نعلي فإذا سمعت ما أكره أخذتها ومضيت.
* خامساً- سلاح الشكر:
إذا سمعت سيئ القول وغليظ الكلمات فاشكر الله أنك أنت الذي تسمع هذا الكلام ولم تقله، يقول كالارنس وارد: بدلاً من أن نمقت أعداءنا ينبغي علينا أن نشفق عليهم، وأن نحمد الله على أنه لم يخلقنا مثلهم.
* سادساً- سلاح (راقب رصيدك):
إن الشخص إذا سبك أو عاب عليك أمراً فيك، إنما هو سحب من رصيد حسناته ودوّن في رصيد حسناتك، قال رجل لأبي بكر: والله لأسبنك سباً يدخل القبر معك؟! قال: معك يدخل لا معي! وبلغ الحسن البصري أن رجلاً سبه فبعث إليه بهدية معها كتاب فيه: بلغني أنك أهديت إليّ شيئاً من حسناتك، فأحببت أن أكافئك!
* سابعاً- سلاح (الدفع بالحسنى):
يقول الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}؛ عندما تقابل من أساء إليك بالإحسان إليه فإنك ستطفئ الخصومة، وتوقف الشرّ، وتكسب القلب قبل الموقف.
* ثامناً - سلاح (ترك الجدال):
المجادلة كلام لا غرض منه سوى المباهاة والاستطالة والزيادة في الألفاظ والمعاني التي لا هدف منها؛ فهو باب يفتح للأشرار ويبعد الأحباب ويكثر الأعداء، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل)، وكلما أكثرت من الجدال تصلب عقلك وأغلقت سمعك عن الإنصات إلى الآراء الأخرى؛ فلا تسمع إلا ما تقول ولا تقبل إلا ما تحب وبعدها لن تجد من يتفق معك، وكما قال لاوتسو كينج: إن الشخص الذي يبالغ في التمسك بآرائه لا يجد من يتفق معه.